الحدائق البشرية، هناك نوع من حدائق الحيوان يُعرف بالحدائق البشرية. وهذه متنزهات كانت شائعة في القرن التاسع عشر والعشرين والحادي والعشرين وتوقّفت في بداية سنة 1940.
الحدائق البشرية التي انتشرت في أوروبا سعت إلى تعريف السّكان بالبشر الذين يصطادونهم في المستعمرات حول العالم. كانت تهدف إلى وضع كلّ إنسان في مكان يعكس شكل موطنه الأصلي وبثياب لا تستر الكثير. وهي ذات الفكرة التي استمرت في حدائق الحيوانات التي تحاول تقديم الأسد الإفريقي في مكان يشبه أرضه الأصلية التي لم يرها في حياته.
من البشر الذين عرضوا في تلك الحدائق بعض النّوبيّين. ويُقال أنّ عرض النّوبيين كان ناجحا جدّا وتنقّل بين عواصم أوروبا من باريس إلى لندن وبرلين، لكنّ العروض لم تقتصر على بشر من مصر أو السّودان بل هي شملت ما يقدّر بأربعمائة جنس بشري باستثناء الإنسان الأوروبي بالطّبع.
أثارتني القراءة عن هذا الموضوع، الحدائق البشرية، لأسباب كثيرة:
- أوّلها أنّ المروّجين لهذه الحدائق كانوا يقولون بأنّ الإنسان الإفريقي هو حلقة بين القرد والانسان الأبيض. وهؤلاء هم ذات البشر الذين اعترضوا على نظرية دارون لأنّه قال إن جميع البشر من فصيلة القرود.
- السّبب الثّاني هو أنّ هؤلاء هم ذات البشر الذين اعترضوا على عنصريّة هتلر في حين أنّ الرّجل لم يكن غريبا أبدا عن رؤيتهم وأفكارهم. فما هو الفرق بين أن تضع إنسانا في قفص وتراه كشيء متخلّف وبين أن تقول إنّ هناك أجناسا متطوّرة وأخرى متخلّفة يجب القضاء عليها؟
- السّبب الأخير وربما هو أكثر الأسباب إثارة في تصوّري هو إنّ هذه الحقائق الموثّقة لا تُدّرس أبدا لأطفال المدارس في حين أنّها في غاية الأهميّة لأنها تعلّم الطفل أنّ أجداده كانوا يقتلون الإنسان ويستعبدونه على أساس لونه، وأنّ الحرب العالميّة لم تكن حربا بين عنصريّ ولا عنصريّين بل كانت بين عنصرين اختلفا على من يقودهما.
شخصيّا لم أعد أنظر إلى الأمور على أساس “شرق وغرب” بل أعتقد أنّ كلّ شيء بشري هو إرث للجميع، من الوصول إلى المرّيخ مرورا بالاستعباد والسّبي وأتصوّر أنّ إحدى أهمّ مشاكل الإنسان هي تعالينا المقرف على إخوتنا الحيوانات. ذلك التعالي الذي يدفعنا إلى وصف الإنسان بأنّه يشبه القرد لاحتقاره أو وصفه بالخنزير أو الكلب.
ما دمنا نحتقر كائنا أيّا كان فسيجد هذا الاحتقار مخرجا ليجعلنا نحتقر أقرب النّاس إلينا.
- الصورة المرافقة: عرض للصوماليين، 1930، حديقة بازل/سويسرا (Zoo Basel, 1930, the Somalis as the exposure)
اضف تعليق