” النقد ” مؤلم.. ما معنى أن يُعيب عليّ أحد ما شيئا، أو يوجّه لي نصيحة؟! من هو أصلا ليفعل هذا!
يبدأ الموضوع منذ الصغر، حين نسمع أوّل نقد في حياتنا من الأب أو الأم والذي غالبا ما يكون مصحوبا بغضب وشكل ما من أشكال التعنيف الذي يُترجم في دماغنا على أنه مؤشّر على بداية كسر العلاقة الجميلة التي تربطنا بالأهل (Attachment Bond/رابطة التعلّق). حينها نشعر أننا أقلّ من العادي وأنّ حياتنا وسعادتنا مهدّدة بالاختلال. وهكذا يتكوّن لدينا شعور أنّ النقد أمر سيء وأنّ مجرّد التعرض له مرة ثانية يجعلنا نمرّ بنفس هذه الأحاسيس السلبية.
نكبر تدريجيا وتتطور شخصياتنا وتختلف نظرة كلّ واحد منا للنقد فيظهر Internalizer/المستبطِن وهو الشخص الذي يتأثر من أيّ صيغة للنقد فلا ينفك يعذّب نفسه. ويكون على وشك الانفجار، إذا لمّح أحد ما أو أشار لأمر في شخصيته أو حياته. يظهر أيضا Self-Convincer/”المقنِع نفسه” -إن صحّت العبارة- وهو الشخص الذي يجعله ضيقه بالنقد منزعجا ومختنقا لكنّ هذا لا يتمظهر في شكل ضيق من الذات بقدر ما يظهر في التهجم على الآخر بشكل عنيف. فهو مقتنع بما يفعل مهما كان والآخر “لا يفهم” لأنه ينتقده. ثمة أيضا المدافع/Defender الذي يكون الدفاع عن الذات سلوكا عنده لكنه لا يتعدى الدفاع عن شكله ووضعه، أبسط ما يكون. في المقابل نجد من يتعامل مع النقد بشكل موضوعي وعملي ويركّز مع محتوى النقد ليتطور ويحسّن من سلوكه وهو Feedback Seeker/الباحث عن التجاوب.
المشكلة أننا أحيانا نلتقي أشخاصا لديهم شعور حاد بالنقص يعوضونه بالنقد المستمر لمن حولهم. فإن كانت شخصيتك تلك التي تغضب وترهق من أي نقد ستجد أن حياتك تتحول لجحيم. لهذا فإن أشد علامات نضج الشخصية هو تعاملها مع النقد بسلاسة. إذا قال أحد ما شيئا فهي وجهة نظره وهو حر. يمكن أن تكون خطأ وحينها ستضرني إن أصغيت لها وقد تكون صحيحة فتساعدني أن أحسّن من نفسي.
في النهاية، الإنسان الممتلئ بذاته لا يشكّل لديه “من قال ماذا” أو “من تكلّم كيف” فارقا. نظرته لنفسه لا تعتمد على شكل سطحي هش قائم على آراء وإدراك من حوله، إنما نابع من إيمانه بمواطن قوته وصدق جوهره.
إن القوة أن يعرف الإنسان ماذا يقال عنه ثمّ لا يهتمّ، أمّا الضعف فأن ينأى بنفسه عن كل نقد ويحسب أنّه قد أفلت من النقد.
أحمد بهجت، تفاحة آدم
فكرة وإعداد: كيرلس بهجت
إعادة صياغة: نهى سعداوي
المصادر:
اضف تعليق