عندما تموت في هذا العام فإن الموت سوف يتجنبك في العام القادم. ــ ألبير كامو
ليل طويل لا يكاد يمضي، ولحظات ثقيلة الخطو ترتفع أرجاءها في كلّ مكان من رأسي وكلّ خليّة من عقلي معلنة رعبا شاملا في أنحائي من شبح الفراق الذي اجتلبته بكذبي.
”لماذا لم تقل قبلا؟ لماذا انتظرتَ حتى ينكشف لي الأمر؟ وهل كنتَ تمسك العصا من المنتصف؟ أم أنني كنتُ فرصةً تأبى وتخشى أن تزول؟“
تتنزّل عليّ الكلمات كسياط مشتعلة فأشعر بجوفي يحترق حتى تتبخر دموعي وتتوقّف الألفاظ على لساني، وأتمتم متلعثما:
” أقسم أنني لم أبطن الأمر إلا خوفا من غضبكِ، ومن تلك اللحظة القاصمة لظهري.”
”حد الردة.. زواج المتعة.. لاهوت المسيح.. الأبيونيون.. المعلقون البذيئون.. ولاية الفقيه.. التجسّد.. هل تذكرين؟ رسالة على بريدكِ، ثم الرسائل تتالى بيننا حتى إذا جاء حبنا وفار الفؤاد، تعتذرين؟”
سرى انقباض في عضلات وجهي يوحي بما ستفعله في هذه الليلة، والوقت يشق يدي كزجاج ينتشر حولي شظايا أحزانها المخبوءة. ترفض استمهالي وتوضيحي لها.
– ” محمد سلام.“
– ” هديل!”
– ” ماذا ؟ ”
– ” انتظري!”
-” لا . سلام.”
طاف بذهني تامر كليب وهو يحكي لي هزيمته مع زينب، وساخت عيني بدمعة حارقة. وتبدّى فمي عن ابتسامة مقبضة. وناجيته:” ها أنا ألحق بك.. كلّنا في العشق صحب مستكين.”
– يناديني حجازي : ” محمد . الوقت..” أقول : ” لاتهتمّ.. لا تهتم!”
– ” مالك ؟ ”
” فقط أردت .. ”
– ” ماذا ؟ ”
– ” لا أدري ”
تعالي وانبشي قلبي هذا إن استطعتِ إخراج نفسكِ منه فافعلي. قد أكون كاذبا معتادا للكذب، لكنني أعلم شيئا واحدا: “أحبكِ.” ففي ذلك اليوم عمّدتكِ بدموعي وطقوس شغفي الأولى. ليس أمامكِ خيارُ إذن مهما بدا لكِ مني. فلا تقاومي.
– ” محمد . سلام.”
– ” هديل.”
– ” ماذا ؟ “
– ” لا شيء.
لا شيء.
فقط أردتُ أن أقول: هديل.”
اضف تعليق