يهذي: “عبد السلام النابلسي لم يجد من يكفنه غير مواطنه فريد الأطرش وأنا لن أجد من يكفّنني سواها. ” يتحرّك راحلا تجاه هذا المدى الملتحف بسواد الليل الحالك. إلى أين؟
لا يدري. فقط يريد أن يتخلص من ذكراها العطنة العطرة معا.
يصفعه هواء ليل ديسمبر فيتذكّر:
“أمنحك جسدي بشرط أن تقسم لي أنّك لم تفعلها مع أحد غيري”. أُقسم وأنا أشير إلي :”كاذب!” هل نسيت تلك المرأة التي كانت تتعلّل متمنّعة قائلة: “دعني كما أنا.. نقية”؟
تمرّ سيّارة مسرعة. يفيق. ثم صوت كروان حائر يبحث عن مأوى، فيهيم ثانية. يتذكّر يوم أجبرها على عقد القران وهي تبكي ذكريات: الأم الراحلة، الإخوة الصغار والأب القاسي.
“لم تكوني كما وعدتِ. أعطيتِني وعدا بالجمال، بالثقافة.. بالحوار. كم تمنيت أن أناقش معك الإلياذة وأنا أقبّلك. نتناقش حول آليات العمل الإشتراكي عند لينين وأنا أحتضنك. ينتهي لقاؤنا بعد أن نكون قد قتلنا مسألة العولمة بحثا وثنينا بعدها بالمقارنة بين الكوميديا الإلهية ورسالة الغفران لأبي العلاء.”
يكاد يتعثر. فينتبه على صوت: “حاسب!” يحاذر ثم يعود لذلك اليوم. يضربها. يجبرها على معاقرة الخمر، ليتمّ الإجهاض. وهي تصرّ: “لا أشتري به ثمنا قليلا”.
يقترب من المنزل، فيسمع صوتها وهي تحاول إطعامه “كُل! ليتني ما أنجبتك.” يبتسم ابتسامة مريرة وتعود له كلّ الذكريات مجتمعة لحظة واحدة، فيكاد يلفظ روحه من بين ضلوعه ولكن ترنّ كلمته في أذنه: “عبد السلام النابلسي لم يجد من يكفّنه غير مواطنه فريد الأطرش
وأنا…
لن أجد..
من يكفّنني..
سواها”
- الصورة المرافقة: الممثل عبد السلام النابلسي على فراش الموت
اضف تعليق