أجل، لقد أخبرَنا روّاد الفضاء بإجابة هذا السؤال.
وافق الأحد 20 يوليو/تموز من العام 2014 الذكرى الـخامسة والأربعين للهبوط الأول على سطح القمر. وقد أُعيد على الأسماع طوال أيام نهاية ذلك الأسبوع ذكرى هذه الخطوة البطولية الخطيرة في مسيرة الإنسانية. لكن بطبيعة الحال، لم يتحدّث أحد عما يحدث لجسم رائد الفضاء وفضلاته في الفضاء.
هذا المقال يضمّ الخطوط العريضة -إذا أردت أن تعتبرها كذلك- لمجموعة من المحاورات التي دارت مع اثنين من رواد الفضاء : الكولونيل المتقاعد من القوات الجوية الأمريكية “مايك مولان / Mike Mullane”، الذي أنجز ثلاث مهام فضائية على متن المكوك “ديسكوفري/ Discovery” و المكوك “أتلانتس / Atlantis” قبل أن يتقاعد في العام 1990. ورائد الفضاء “ليروي تشياو / Leroy Chiao” الذي قام بثلاث رحلات فضائية، وترأّس بعثة -10، حيث عاش في محطّة الفضاء الدولية منذ 2004/2005.
المراسل: كيف تجري الأمور بالمرحاض في الفضاء؟
مايك مولان: لا يمكن أبدا استخدام المياه للتخلص من الفضلات في حالة “انعدام الجاذبية / Zero Gravity”. على هذا الأساس، فإن المرحاض على متن المكوك الفضائي هو عبارة عن مكنسة هوائية. المبولة تشبه خرطوم المكنسة. هذا الخرطوم يختلف شكل فوهته ليناسب استخدام الرجال أو النساء. يتم امتصاص البول عبر هذا الخرطوم إلى الأسفل حتى يصل إلى خزان.
المراسل: ماذا يحدث للبول بعد ذلك؟
مايك مولان: بعد أن يتمّ جمع البول لأكثر من يومين، يتمّ التخلص منه في الفضاء. من الجميل مشاهدة ذلك، حيث يتجمد البول ويصبح قطعا من الكريستال المتلألئ على خلفية ضوء الشمس.
المراسل: ماذا عن الفضلات الصلبة؟
مايك مولان: الفتحة الخاصة بالفضلات الصلبة تكون صغيرة للغاية. إنها لا تشبه أبدا المرحاض العادي. ولكي أكون صريحا معك، إنه من الصعب جدا أن تعرف كيف توجّه مؤخرتك ناحية هذه الفتحة الضيقة.
المراسل: كيف تدرّبت على مثل هذه الأمور على الأرض؟ أعتقد أنه ليس باستخدام مكنسة كهربائية!
مايك مولان: تقوم سياسة «ناسا NASA» في التدريبات على قاعدة “لن توجد أية مفاجآت.” لهذا، قامت ناسا بتصميم برنامج محاكاة على الأرض مشابه تماما لمرحاض المكوك الفضائي، حيث تمّ تثبيت كاميرا في قاعدة فتحة الفضلات الصلبة تقوم بتوجيه شعاع ضوء نحو مؤخرتك بالضبط. فتقوم أنت بالجلوس على هذا الشيء، بينما توجد أمامك شاشة، فتحرّك مؤخّرتك حتّى تضبطها باتجاه الفتحة. بعد ذلك، تحفظ أبعاد طريقة جلوسك على هذا المقعد. أنت لن تتغوّط بالطبع في هذا الشيء. إنّه مجرّد تدريب لمعرفة كيفية ضبط أبعاد جلستك على مرحاض المكوك.
المراسل: هل تستخدم مناديل ورقية؟
مايك مولان: لا يمكنك إلقاء المناديل الورقية داخل المرحاض. لذلك، توجد مكنسة أخرى أمامك مثبتة على الحائط. بعد أن تنتهي، تقوم بإلقاء المنديل الورقي فيها ثم تغلقها.
المراسل: هل يتم التخلص من الفضلات الصلبة مثل البول؟
مايك مولان: الفضلات الصلبة تظل في المكوك حتى يعود إلى الأرض. لو تخلصنا منها في الفضاء؛ سوف تلتبس الشُهب علينا وتَفقد أمنياتنا التي نتمناها معناها!
المراسل: احكِ لنا أسوأ حادثة شهدتها بالمرحاض في الفضاء.
ليروي تشياو: في يوم جمعة أثناء مهمّتنا في محطة الفضاء، لاحظنا رائحة فظيعة تنبعث من أسفل الألواح بالقرب من المرحاض. قمنا بخلع الألواح، فرأينا فقاقيع كبيرة من سائل أخضر لزج تتدفق للخارج. بعد استخدامك للمرحاض، يقوم آليا بضخ حمض الكبريتيك المُركز في أنابيب الصرف والخزان للحفاظ عليها معقمة. ما حدث هو أن المحرك المسؤول عن ضخ الحمض لبضع ثوان فقط، تعطل فقام بضخ كل الحمض داخل الخزان حتى فاض للخارج؛ مما أغرق المكان كله بأفظع الروائح.
المراسل: هكذا كانت تطفو فقاقيع خضراء من الفضلات في كل مكان؟
ليروي تشياو: أسوأ من ذلك.
المراسل: هل كانت تبدو لطيفة مثل احتفالات الكريسماس؟
ليروي تشياو: آه، ليس كذلك أبدا. كانت سيئة للغاية.
المراسل: لدي كلب وابنة في عمر الثالثة. عندما يقومان بتلويث المكان، أجلب منشفة ولا أقدر على النظر إلام أفعله. أدير رأسي، وأحرّك المنشفة كيفما اتفق، وأتمنّى الحصول على نتيجة جيدة. أعتقد أن طريقتكم في التعامل مع أمر كهذا مختلفة.
ليروي تشياو: تماما. كانت هذه الفقاقيع تطفو في كل مكان، ونطفو نحن معها!
المراسل: إنك لن تستطيع أن تتخلص من الفقاعة؛ لأنها سوف تنقسم إلى فقاقيع أصغر فأصغر.
ليروي تشياو: نعم، لهذا أنت لن تستطيع التخلص منها. ستحاول أن تطوقها بقطعة قماش قذرة أو أي شيء يسمح بامتصاصها.
اقرأ أيضا “ماذا سيحدث لو جاءتك الدورة الشهرية في الفضاء؟
المراسل: سمعت أنك يجب أن ترتدي حفاظة أثناء انطلاق المكوك. كيف يبدو الأمر؟
مايك مولان: إنه غير مريح بشكل فظيع. رجلاك تصبحان مرفوعتين إلى فوق، بشكل يضطرك إلى التبول. لا يمكنك مقاومة ذلك أبدا، حيث أنت معلق على هذه الصورة لأكثر من ساعتين. سوف تعرف الآن لماذا يصرخ الأطفال؛ لأنه من المقرف إلى حد فظيع أن تتبول في حفاظة. علاوة على أنك في مكان ليس فيه مرحاض أو إمكانية للاستحمام. لذلك، ليس عليك سوى أن تتخيل إلى أي حد من الفظاعة أن تقوم بعد ذلك، لتخلع حفاظتك المبتلة بالبول، وكل ما بإمكانك فعله هو أن تبل قطعة من القماش للتنظيف ثم تجفف جلدك بعد ذلك. يجب أن ترتدي هذه الحفاظة كذلك أثناء الهبوط والسير في الفضاء. إنها ليست رحلة للاستجمام في فصل الربيع!
المراسل: هل يرتدي رواد الفضاء الحفاظات في أغلب الأوقات؟
مايك مولان: لا أدري. أثناء فترة عملي -وأعتقد أن الأمر لم يختلف الآن- كان الرجال لديهم خيار. كان يمكننا أن نرتدي واقي ذكري جامع للبول. عندما تتبول، يتجمع البول في خزان ذو صمام واحد يشبه المثانة مثبت على وسطك. كان ذلك، للصراحة، أكثر نظافة مائة مرة من الحفاظات. في رحلتي الأولى، كنت أرتدي هذا الواقي. لكن مشكلته هي أنك لن تشعر بالواقي بعد مرور ساعات وساعات، لذلك لن تعرف إن كان متصلا بجسدك أو انفصل لسبب ما. حينئذ، لو انفصل الواقي، ستتبول في بذلتك الفضائية، الشيء الذي تود ألا تفعله أبدا. لم أكرر ذلك مجددا، كنت خائفا من حدوث ذلك، فقلت، اخلعه، سوف أرتدي الحفاظات.
المراسل: كنت سأفضّل ارتداء الحفاظات؛ لأن كمية كبيرة من البول سوف تتفلت مني أثناء انطلاق المكوك!
مايك مولان: لم أسمع بأي شخص احتاج إلى التغوط أثناء فترة الانطلاق. أعتقد أن معظمهم كان يستطيع أن يحبس ذلك.
المراسل: لو أنك أخرجت ضرطة، هل تجعلك تتحرك إلى الأمام؟
ليروي تشياو: أعتقد، طبقا للقانون الفيزيائي، فإن أيّ فعل لديه رد فعل مساو له في المقدار ومضاد في الاتجاه. أنا متأكد أن ذلك ممكن؛ لكن من المحتمل أن الحركة لن تتعدى بضعة ملليمترات.
المراسل: إذن هل جربت فعل ذلك؟ كيف لم تفعل؟ تناول كمية زائدة من الفول وقم بغزو العالم!
ليروي تشياو: (يضحك) لا، لا. إن الأمور لن تسير بهذا الشكل.
المراسل: ما هي التجارب التي قمت بفعلها، ولم تكن رسمية. أقصد، هذه اللحظة التي تقول فيها لنفسك: فلنرَ ماذا سيحدث لو قمنا بفعل ذلك؟
ليروي تشياو: حسنا. نحن كلنا نلعب بالطعام. ذلك يغضب مسؤولي الشؤون العامة؛ لأنهم يعتقدون: “يا إلهي، سوف يعتقد العالم أن كلّ ما تفعلونه هنا يا شباب هو اللعب بطعامكم!” لكن من الممتع أن تقوم بضخ بضع قطرات من الماء أو العصير، فتظل طافية حولنا في فقاقيع. يمكنك أن تنفخ فيها، فتبدأ في التدحرج والتشكل في أشكال ممتعة. في غياب الجاذبية، الطريقة التي يطفو بها كل شيء رائعة حقا. يمكنك دراسة العديد من الظواهر حيث يكون من الصعب دراستها على الأرض. لكنك في الأخير، يجب أن تحافظ عليها تحت السيطرة وأن تشربها قبل أن تصيب لوحات التحكم.
المراسل: هل تساعد حالة انعدام الجذابية بشكل ما في زيادة انتصاب القضيب؟
مايك مولان: تعتبر واحدة من التغيرات الفسيولوجية، في غياب الجاذبية، هي اندفاع السوائل في الجسم. يتدفق الدم وباقي السوائل بشكل متساو إلى جميع أجزاء الجسم، مما يجعل الكاحل والفخذين والوسط أكثر نحولا، وكذلك يصبح الصدر وثدي المرأة أعرض. من سلبيات ذلك أيضا، أن الوجه يصبح أكثر انتفاخا. لو أنك نظرت بشكل قريب إلى وجه رائد فضاء، ستبدو عيناه منتفختين بشكل ما، مما يسبب صداعا خفيفا. لكن واحدة من ميزات ذلك، هي…
المراسل: قضيب أكثر انتفاخا؟
مايك مولان: لمرّتين، استيقظت من النوم، وقضيبي منتصب للغاية، لدرجة أنه كان يمكنني أن أثقب به حجر الكريبتونيت (*).
المراسل: هل حاولت أن تخفي ذلك عن العيون؟ أم لم تكن هناك مشكلة حيث أن الكل حولك كانوا على الحال نفسها؟
مايك مولان: حسنا، في موقفي، إن لديك الكثير من الأشياء التي تشغل ذهنك. يا إلهي، إنني مقبل على مهمة تحكم بواسطة ذراع الروبوت. هناك قمر صناعي تبلغ تكلفته مليار دولار، لذلك من الأفضل ألا أتورّط في أيّة مشكلة. صدّقني، إذا أردت أن تجد شيئا يجعلك قضيبك ينكمش فورا، هو أن تبدأ بالتفكير في هذه الأقمار الصناعية ذات المليارات من الدولارات.
اقرأ أيضا ماذا سيحدث لو جاءتك الدورة الشهرية في الفضاء؟
المراسل: هل مارس أحد الجنس في الفضاء من قبل؟
مايك مولان: أستطيع أن أجزم لك أن أحدا لم يفعل ذلك؛ لأن في المكوك الفضائي حيث يتواجد الرجال والنساء من رواد الفضاء، لا توجد أية فرصة للتواجد في مكان منفصل. المكان الوحيد الذي يمكن أن تجد فيه خصوصية هو غرفة التحكم المغلقة، ولكن الكل سيعرف أنك كنت تفعل ذلك هناك؛ لأنك لا تقود المكوك؛ فلا يوجد أي سبب للتواجد بهذه الغرفة.
ليروي تشياو: السبب الذي يجعلني متأكدا أن أحدا لم يمارس الجنس في الفضاء، هو أن الرجال هم الرجال في أي مكان. لو مارس رجل ما فعلا، لم يكن ليقدر على جعل فمه مغلقا، وكنا لنعرف كلنا.
المراسل: حسنا، لم يكن ليقدر على إخفاء هذا السر بأية حال؛ لأنكم مراقبين بكاميرات “هوستون” أربعا وعشرين ساعة، صحيح؟
ليروي تشياو: في الواقع، لا. كل الكاميرات في المحطة والمكوك تحت تحكمنا. لذلك، يمكننا إغلاقها إذا أردنا.
المراسل: ماذا لو اقتربت كائنات فضائية من المكوك وقررت إغلاق كل الكاميرات؟
ليروي تشياو: حينها سنتورط في مشاكل أكبر.
(*) حجر الكريبتونيت Kryptonite: هو حجر صلب أخضر اللون، موجود في الكوكب الخيالي “كريبتون” موطن سوبرمان. صار هذا الحجر مرادفا لتعبير “كعب أخيل”، حيث يعتبر في مجلات “DC Comics” نقطة ضعف لسوبرمان ويمكن أن يسلبه قوته ويقضي عليه.
- الصورة المُرافقة: رائد الفضاء الأمريكي ريتشارد مايك مولان Richard Mullane
- هذا المقال مُترجم عن مجلة Men’s Health: هنــا