ملامح مرهقة وجسد هزيل يظهر عليه سوء التّغذية والضّعف العامّ. حجاب/ايشارب متواضع ملفوف على رأس صغيرة وضحكة فقيرة مازالت تؤمن أنّها “هتفرج من وسع”. “نوارة” هالة خليل تطلّ على الشاشة لتغرس في القلب خنجر الذّكرى. يوما ما علّق هؤلاء الأمل على الثّورة، يوما ما ظنّوا أنّ أحلامهم البسيطة كالسّكن والعلاج قاربت على التّحقق، يوما ما فرحوا لأنّهم شعروا أنّهم أقوياء ورقصوا فرحا لأنّهم استطاعوا أن يُطيحوا بحسني مبارك.
لقد صنعت المخرجة هالة خليل من بطلة العمل منة شلبي لوحة فنّية شديدة الإتقان والجمال. واستحقّت منة شلبي الإشادة بهذا الأداء المتميز. لم أكن من محبّي تمثيل منة، لكن هذا الفيلم أثبت بما لا يدع مجالا للشكّ أنّها ممثّلة عظيمة من طراز رفيع. مزيج من الإبداع في الأداء والموسيقى التصوريّة التي تلمس شغاف القلوب. ربّما كانت الحكاية مملّة بعض الشيء في طريقة السّرد، ولكن لأننا وجدنا أنفسنا داخل كلّ لقطات ومشاهد الفيلم لم نملّ. وجدنا أنفسنا مع نوارة وهي تحلم، ومعها وهي تكافح ومعها وهي تتشبّث بالأمل ومعها وهي تضحك ومعها وهي تهوي، ونهوي جميعا لنذوق مرارة الهزيمة ووجع الانكسار .
نهاية مفتوحة جميلة فنيّا، تترك مساحة لليائسين أن يزدادوا يأسا ولمن يتمسكّون بالأمل أن يزدادوا أملا. تترك مساحة واسعة لكلّ التأويلات العاطفيّة والعقلانية. إنّنا نكتب النّهاية مع هالة خليل، نكتبها في خيالنا وعلى أرض الواقع. سلام إلى نوارة وإلى كلّ نوّارة.
فيلم نوارة سيناريو وإخراج هالة خليل وهو ثالث أعمالها بعد “أحلى الأوقات، 2004″ -الذي شاركت في بطولته منة شلبي أيضا- و”قص ولزق، 2007”. من أهمّ الممثلين المشاركين في العمل نجد محمود حميدة وشرين رضا إضافة إلى أمير صلاح الدين، رجاء حسين، أحمد راتب ورحمة حسن. وقد توّجت منة شلبي عن دورها بجائزة أفضل ممثّلة في مهرجان دبي السينمائي في دورته الأخيرة.
شريط عرض الفيلم:
https://www.youtube.com/watch?v=z-oM0nN2lfg
اضف تعليق