هناك صورة نمطية معروفة، عن فتاة تركها خطيبها بعد أن صارحها بأنّه خانها مع صديقة عمرها. عادت إلى البيت، جلست تشاهد فيلم “نور عيني” للفنان تامر حسني و الفنانة منة شلبي، وضعت “برطمان النوتيلا” أمامها وانطلقت تأكل بلا هوادة. الدموع لا تتوقّف، الحزن يعتصر قلبها وفكرة اقتلاع أحشاء حبيبها السّابق تلازمها. صورة نمطية تانية معتادة، عن شاب يشعر أنّ مستقبله قد ضاع وهو الذي قضى سنوات يبحث عن شغل غير العمل في “مركز اتصالات/Call Center”، دون جدوى. يأخذ كيس بطاطا كبير -مثلا- يغرق في أكله وهو يستمع لأغاني أحمد شيبة أو عبد الباسط حمّودة، متسائلا “لماذا خُلق إنسانا من الأساس وليس باندا مثلا؟” هنا يأتي السؤال: ” لماذا نأكل أكثر حين نشعر بالضيق؟ “
في مقالة بعنوان “لماذا يزداد وزننا حين نكون تحت الضّغط؟/?Why We Gain Weight When We’re Stressed”، توضّح الدكتورة ميلاني جرينبيرج/Melanie Greenberg أنّ هناك علاقة مهمّة جدّا بين التّوتر والأكل. فالتّوتر يُترجم في أجسامنا من خلال سلسلة من الهرمونات المسؤولة عن تسريع نبضات القلب وزيادة الدّم لبعض الأعضاء الحيوية، حتّى يستطيع الإنسان مواجهة هذا التّوتّر. من بين هذه الهرمونات، هرمون الأدرينالين/Adrenaline و الذي رغم أنّه يقلّل من رغبة الأكل عند الإنسان إلاّ أنّه يشتغل على حرق كمّيات كبيرة من السكّر في الجسم. وبعد أن ينتهي دوره ويبدأ في التّناقص، فتبدأ رغبة الإنسان في الأكل بالعودة خاصّة وأنّ السكّر قد احترق في التّوتّر. إضافة إلى الأدرينالين، ثمّة هرمون آخر هو الكورتيزول/cortisol وهو “خازوقي” بأتمّ معنى الكلمة. فهو يحبّ لعب دور النّصوح، إذ ينبّه الجسم أنّ هذه ليست أوّل ولا آخر مرّة يتوتّر فيها، ويوجّهه لتخزين بعض الدّهون احتياطا ليجدها في توتّر قادم.
في هذه المرحلة إذن، توصّل المخّ لأنّه يجب أن نأكل، لكن نأكل ماذا؟ هنا يواصل الكورتيزول/cortisol “الخبيث” تدخّله. فيقول للمخّ ركّز في الأشياء كثيرة السّكّر الغنيّة بالسعرات/Calories حتّى نحسِن استغلالها، ركّز في الحلويات أو الكربوهيدرات. وهكذا يكون الاختيار الأصلح مثلا “النوتيلا”! ليست فقط حلوة الطعم بل هي غنيّة جدّا بالطاقة. كما أنّ الجسم في حالات التّوتر والقلق يحتاج أشياء سهلة من قبيل “البطاطا” والنوتيلا والأكلات السريعة، فهو لا يتحمّل الأكل والتركيز فيه معا، خاصّة لو أنّه لا يستطيع النوم جيّدا أو أنّه استهلك الكثير من القهوة والشاي وامتلأ بالكافيين/caffein. كلّ هذه العوامل لا تقلّل السّكّر فقط وتجعل الجسم يستهلك أكثر بل تلعب أيضا في معدّلات الغرلين/ghrelin واللبتين/leptin، وهي هرمونات مهمّة جدا تؤثّر على مناطق الشبع والجوع في المخ.
في النهاية، إجابة ” لماذا نأكل أكثر حين نشعر بالضيق؟ ” هي التالية: حين نكون تحت ضغط أو توتّر ونجد أنّنا التجأنا سريعا للأكل فهذا يعود لعمل هرمونات في الجسم تدفعنا للأكل بشكل غير منتظم وعشوائي، لنعود فنشعر بالندم على هذه القرارات الهوجاء بعد فترة. تكون النتيجة “كرش” وأرداف وترهّل في مناطق لها أهمّيتها الجماليّة في الجسم. فببساطة، حين نجد أنّنا نأكل لمجرّد الانزعاج أو الضّغط، يُفترض أن نركّز مع أجسامنا ولا نجعلها تسيطر علينا. فحتّى في توتّرنا، من المفروض أن نتحكّم نحن في أجسامنا وليس العكس.
المصدر :
اضف تعليق