أُفضِّلُ الوردَ على النّرجس ** لا أجعل الأنجم كالأشمس
-ابن الرومي-
الورد الجوري أو الورد الدمشقي واسمه العلمي (Rosa Damascena) من أقدم أنواع الورود، نتج كصنف هجين من ثلاثة أصناف هي الورد الفرنسي المنتشر في غرب آسيا وأوروبا والورد الفينيقي أصيل الشرق الأدنى وصنف ثالث من الورود موطنه آسيا الوسطى. ينتشر جغرافيّا في حوض المتوسّط وآسيا وأوروبا، كما انّ زراعته ممكنة في أغلب المناخات ما عدا الاستوائي. يقال أنّ الورد الدمشقي انتقل إلى أوروبا في القرن الثالث عشر أثناء الحملات الصليبية عن طريق روبرت دو بري/Robert de Brie. روايات أخرى تقول أنّ طبيب الملك هنري الثامن قدّمه له كهديّة حوالي سنة 1540. في الزّمن الحاضر، في أفغانستان، تموّل مؤسسة WALA لصاحبها Dr. Haushka مشاريع زراعة الورد الدمشقي لتوفير دخل ومقاومة زراعة المخدّرات المنتشرة هناك، خاصّة وأنّ استخراج زيت الورود العطريّ تقليد أفغانيّ قديم.
الوردة الدمشقية هي الزهرة الوطنيّة في دمشق، سوريا. ترمز للحبّ والعواطف الصادقة وتدلّ على النبل والخلود. توحي بالأمل والثقة بالنفس والسكينة وعمق التّأمّل. ذات رائحة عطريّة نفاذة وقويّة، وهذا ما يميّزها ويجعلها أهمّ ورود الشّرق والعالم. تتميّز منطقة النيرب شرق مدينة حلب بزراعة الجوري وتصديره إلى دول عديدة من أهمّها فرنسا حيث يُستخدم في تركيب عطور شهيرة وثمينة لما في رائحته من عذوبة ونعومة. الزيت العطريّ المستخرج من الورد الدمشقي من أهمّ مكوّنات منتجات “ماركات” عالميّة من العطور مثل جيفانشي، ميس ديور وييف سانت لوران.
يُقطَّر الجوري ويستخرج منه ماء عطري يحفظ رائحته المميّزة يُستخدم في مجالات عديدة. يعود تاريخ اختراع طريقة التقطير للقرن الحادي عشر، وصاحبها العالم الفارسيّ ابن سينا. لا يزال تقطير الورد دارجا حتّى هذه الأيّام في كلّ البلاد التي يُزرع فيها الورد الدمشقي ، ويكون موسم التقطير في تونس مثلا في أواخر فصل الربيع وبدايات الصيف. فالورد الدمشقي نوعان صيفيّ وخريفيّ الإزهار. يستخدم ماء الورد لصناعة مشروب الورد، وإضفاء نكهة في أصناف من الحلويات كما يستعمل لترطيب البشرة والعيون.
يجفّف الورد الدمشقي وتُسمّى الأكمام غير المتفتّحة التي يتمّ تجفيفها في تونس “شوش الورد”. يدخل في تركيبة بهارات تُعرف براس الحانوت وهي شهيرة في المغرب أيضا. كما يُنقع في الزيت مع عود القرنفل لتعطيره واستعماله لتغذية فروة الشعر وتعطيره، وهي خلطة تقليدية.
يستعمل الجوري، ماء وبتلات في المطبخ العربي، الفارسي، الهندي والتركي. الدجاج المتبّل بالورد، طبق فارسيّ تقليدي. “الزهورات” أو شاي الأعشاب، مشروب ساخن عربيّ شهير من مكوّناته الورد الدمشقي المجفف. يُستخدم ماء الورد في عمل راحة الحلقوم والمحلبية (الأرز بالحليب). أمّا النوجة الدمشقية فإنّ بتلات الجوري المجففة والفستق الحلبي أهمّ مكوّناتها. في حين يُعتبر الجُلكند/Gulqand من أشهر أطباق التحلية الهندية وقوامه بتلات الورد الدمشقي والسكر، واسمه يعني “الزهرة الحلوة”.
المصادر:
اضف تعليق