يقال أنّ اسم السّيدة هاجر زوجة النبيّ ابراهيم عليه السلّام يعني “زهرة اللّوتس المصريّة”. فالاسم بالهيروغليفيّة يتكوّن من جزءين: (ها) وتعني زهرة اللوتس و(جر) ومعناها أرض جب، أي مصر بالمعنى التوراتى الإبراهيمي. ليكون اسمها “زهرة اللوتس” وكنيتها المصرية إذ أنّ هذه الزّهرة الجميلة مصريّة صميمة.
دورة حياة اللوتس:
ينتشر اللوتس في بلاد كثيرة حول العالم فهو من الرّموز الوطنيّة في مصر والهند وفيتنام وتكون زهرة اللوتس في ألوان وأشكال متعدّدة فعائلة اللوتس كبيرة. واللوتس/Lotus نبات مائيّ مزهر من الزّنابق، يتميّز بجذر على شكل درنة إسفنجيّة يلتصق بالقاع الطّيني في الأنهار والمستنقعات والبرك تتصل به ساق خضراء تتفرّع منها أوراق خضراء ذات شكل دائريّ مميّز على سطح الماء تكون حاملة أو محيطة بالزّهرة. أزهار نبات اللوتس جميلة جدّا تتفتّح على صفحة الماء برقّة محمولة بواسطة أعناق زهرية خضراء طويلة كملكة ممّا يتيح لها المجال لتطفو مرتفعة عن مستوى الأوراق. كل أزهار اللوتس تزهر طوال خمسة أيام وعندما يولي اليوم الخامس تسقط بتلات الزهرة ليظهر مكانها قرنة خضراء لبّية تنحني نحو الماء وتلقي بذورها، لتبدأ دورة حياة جديدة.
هكذا يبدو الجزء التحت المائي لنبتة اللوتس الأزرق. وقد التقطت هذه الصورة في دلتا أوكافانجو، بوتسوانا / Okavango Delta, Botswana. وهي حسب جريدة التليجراف البريطانية من أعظم صور الطّبيعة على مرّ العصور.
اللوتس المصريّ:
في البدء كان السّديم يعمّ الأرض، والفوضى عارمة، والظّلام يلامس وجه الماء، عندها انبثقت زنبقة ماء من اللّج، وببطء تفتحت تويجاتها ليظهر الإله الطفل جالسا في قلبها. نفذت رائحتها العطرة لتعشش على الماء، وشعّ نور من جسد الطفل ليبدّد الظّلام الدّامس. ذاك الطّفل هو إله الخلق، منبع كل حياة: إله الشّمس رع.
(من مخطوط مصريّ قديم)
اللوتس في الحضارة والمعمار:
اللّوتس عنوان الخلق عند المصريين القدامى وهي زهرة مشهورة في الحضارة الفرعونيّة فقد وُجدت في الصّور المرسومة على المقابر الفرعونية، ووجدت بقايا منها في مقبرة رمسيس الثاني. كما زيّنت بتلاتها أعمدة المعابد والمباني القديمة والحديثة حتّى مثل مبنى المحكمة الدستورية العليا في القاهرة. تعدّدت اللّوحات المصرية القديمة التي تمثّل تقديم أزهار اللوتس للزائرين تكريما لهم. وتزينت المصرية القديمة بزهرة اللوتس. وهي أيضا العلم المميّز للجيش المصري القديم.
تمثيل مولد توت عنخ آمون على زهرة لوتس زرقاء، المتحف المصري.
اللوتس المصري الأزرق:
اللوتس المصريّ نوعان أزرق وأبيض. أمّا الأزرق وهو الأكثر شهرة ورمزيّة فإنّ زهرته نجمية الشكل يصل قطرها عند تفتحها التام من خمسة عشر إلى عشرين سنتمترا. لها أربع أوراق كأسية خضراء من سطحها الخارجي وداخلها أبيض مزرق. ولها عدد من التويجات المتطاولة ذات النهاية المدببة باللون الأزرق المائل إلى الأرجواني أمّا قلب الزهرة فأصفر ذهبي ينبعث منه عدد كبير من الأوراق الزهرية الشريطية الرفيعة ذات القواعد الملوّنة بالأصفر الذهبي. وهذا ما يمنح الزهرة جمالها الأخّإذ. يدوم تفتح الأزهار أربعة أيام، حيث تتفتح من الصباح الباكر حتى الضّحى، وتغلق تويجاتها عصرا، وتبقى مغلقة طوال الليل. من الطّريف أنّ البشنين الأزرق اأو اللّوتس المصري ينطبق على النحل فيميته ولهذا يسمّى قاتل النحل.
اللوتس المصري الأبيض:
إلى جانب زنابق النيل المصرية الزرقاء هناك الزنابق المصرية البيضاء: أزهار اللوتس البيضاء التي تنمو في مياه النيل الضحلة. أوراقها مسطحة خضراء غامقة، وعلى العكس من اللوتس المصري الأزرق فهي تتفتّح ليلا، وتغلق تويجاتها قبل الظّهر، وتعاود تفتّحها عند الغسق. تشبه في شكلها الزنابق المصرية الزرقاء، فتويجاتها ملعقية الشّكل تصطف بيضاء في دائرتين. وفي قلب الزهرة عدد من الأوراق الزهريّة الشريطية الرفيعة ذات لون أصفر برّاق. اللوتس المصري الأبيض رمز للطهارة والنقاء، فهي تنبت في الوحل لتتفتّح جميلة ناصعة البياض.
اللوتس المقدّس:
يسمّى أيضا اللوتس الهنديّ أو اللوتس الأفريقي. ممّا يميّزه أنّه في ظروف مناسبة قد تعمّر بذوره لسنوات عدّة وقد سُجّل الرقم القياسيّ لبذور عمرها 1300 سنة تمّ إنباتها بنجاح وقد وُجدت في قاع بحيرة في شمال شرقي الصّين. اللوتس المقدّس هو الرّمز الوطني لكلّ من الهند وفيتنام.
معبد اللّوتس، هو معبد يقع في دلهي في الهند. يعتبر واحدا من أهم مشارق الأذكار الثمانية عند البهائيين وهو المعبد الأمّ في جنوب آسيا. وكان المهندس المعماري الإيراني فاريبورز صهبا قد أنشأه ليكون معبدا لجمعية بهائية هندية في شكل زهرة اللوتس، رمز النقاء، التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالرّوح الدينية في الهند. فاللوتس زهرة مقدسة في كلّ من الهندوسية والبوذية. تمثّل الجمال والازدهار والأنوثة في الهندوسيّة. كما أنّ بوذا يظهر جالسا في زهرة اللوتس مع بعض الأوراق.
اللوتس الأمريكي الأصفر:
يظهر هذا النوع في لوحة للرسام الأمريكي تشارلز كورتني كورّان/Charles Courtney Curran بعنوان “أزهار اللوتس”، 1888.
اللوتس القزم:
قطر الزهرة صنتيمتر واحد، أي 10% من طول قطر الزّهرة الموالية من نفس فصيلة اللوتس. بلدها الأصل هو رواندا لكنّها انقرضت ليتمّ إعادة إنباتها في الحدائق النباتية الملكية في كيو/انجلترا.
اللوتس والغذاء والصحة:
وفقا للمكتبة الرقمية الهندية للمعرفة التقليدية (ITKDL)، وهي وحدة من مجلس البحث العلمي والصناعي تهتمّ بالنصوص القديمة عن النظام الهندي للطبّ، تمّ قديما استخدام نبات اللوتس لعلاج السمنة والجوع المفرط. وفقا لـيوان وانغ / Yuan Wang مؤلف كتاب “Ancient Wisdom, Modern Kitchen/الحكمة القديمة، المطبخ الحديث”، فإنّ جذور اللوتس توفّر الألياف الغذائية وفيتامين C والبوتاسيوم والثيامين والريبوفلافين وفيتامين B6 والفوسفور والنحاس والمنغنيز. وهي مفيدة لارتفاع الكوليسترول في الدم وارتفاع ضغط الدّم.
في اليابان، تؤكل جذور اللوتس مقلية في صلصة الصويا والأرز والنبيذ والفلفل. كما تعتبر رقائق اللوتس وجبة يابانية خفيفة شعبية للغاية.
الشاي المصنوع من بتلات زهرة اللوتس واحدة من أكثرأنواع الشاي الشائعة انتاجا واستهلاكا في كلّ من فيتنام وتايلاند. يساهم شاي اللوتس في تقوية القلب ويقلّل أيضا من مستويات السكر في الدم. وهو أيضا عظيم الفعاليّة لفقدان الوزن. يساعد كذلك في علاج مجموعة واسعة من مشاكل المعدة مثل الانتفاخ والإسهال والتقلصات كما يساعد النساء في تخفيف تشنجات الحيض. لشاي اللوتس رائحة رائعة للغاية ولها تأثير مهدئ يساعد على الاسترخاء والتخلص من التوتر.
المصادر:
اضف تعليق