الفن يضفي على الروح رقّة ويسمو بالقلب. أحبّ الفنّ وهذا قبل أن أصاحب صديقي الاكئتاب، ولكن زادت رفقتي للفن بعد أن زراني الاكئتاب. فأصبحت أتابع أفلاما أكثر وموسيقي ولوحات فنيّة. واقرأ الرواية بل وأكتب كلمات متواضعة تحاول محاكاة الأدب. يقولون أن المكئتب أحيانا يكون مرهف الحس.
لا أعلم مدى صحّة هذا الكلام علميا، ولكنني بعد مصاحبة الاكئتاب أصبحت أكثر حساسية وهذا سلاح ذو حدّين. فتلك الأحاسيس المرهفة تجعلك أكثر إحساسا بالجمال، وفي الوقت ذاته تجعل معاملاتك مع البشر في غاية الصعوبة. أذكر أنّني كرّرت مقطعا موسيقيا حتى مللت، ولكن عدت وتأملت في زواياه بنظرة أخرى فكان له طعم آخر وهكذا أحسب أنّ هذة المهارة لم تنمو إلّا بعد الاكئتاب والخلوة بالنفس.
ربما يكون ما أكتبه حالما، ولكنه حقيقيّ. العزلة ليست مدمرة بالكليّة. بها طيف من النّور الذي يشعل مناطق مظلمة في القلب الحزين. أنا حزين هذا صحيح، ومتألم هذا صحيح أيضا، بل وأشعر بعمق هذا الحزن يدبّ في أعماقي. وكلّما تناولت دوائي، أشعر أنّني أسير السعادة الكميائية، لكنّني مع هذا الحزن أفرح أحيانا ببعض التأملات مع الموسيقى والتمثيل والمسرح والرواية. أشعر أنّني في عالم آخر. أطير في سماوات أخرى ويشتعل قلبي بالإيمان.
أتذكّر قصائدي القديمة التي أهديتها لأوّل فتاة نطق قلبي لها بالحب. بل وأسبح مع الرّوايات والشّخصيات وأتوحّد مع مشاكلهم وأشاركهم في الفرح والترح. الخيال منجاة المكئتب من الواقع الذي يضغط إحساسه ويهمّش إنسانيّته ويسحق ما تبقّى في روحه من طاقة للطيران.
اضف تعليق