عرض الشاعر أحمد رامي تساؤلا غرضه الاستنكار في مطلع اغنية أمّ كلثوم الشّهيرة “ما دام تحب بتنكر ليه؟!” الاستنكار يبدو بديهيا لمن لم يُبتلى بالاكئتاب. ولكن عند مريض الاكئتاب أو لنقل عندي أنا، ومع تفاصيل تجربتي التي لا تزالت مستمرة مع الاكئتاب، فهو سؤال ” ثقيل جدّا” لما يحمل في طيّاته من ذكريات تنهش سويداء قلبى وتنشط خلايا الذّاكرة الخبيثة في عقلي المفعم بالأفكار الاكتئابيّة.
“مادام تحب بتنكر ليه؟” أنكر لأنّ أحد أسباب اكئتابي وهي كثيرة، الفشل العاطفي الذريع الذي جعل منّي كهلا في عمر الشباب. أنا متعب عاطفيا وهذا أمر يبدو طبيعيا لصاحب قصتين فاشلتين. فبعد التجربة الأولى جدّد الأمل ولكن سرعان ما وقع. في أوائل مراحل علاجي كان الحوار بيني وبين الطبيب عن العاطفة لا يخلو من انكارى ليس للحبّ فقط بل لحاجتي للحب، ولكن الآن، أنا على قدر من الشجاعة جعلني أعترف لطبيبي أنّني “جائع عاطفيا” ومشتاق لشعور الدفء الذي يحوي القلب، والمشاعر الشفيفة الملونة بلون السّماء الصافية .
أنا جائع عاطفيا ولكنّني مازلت مكئتبا ليست لديه قدرة تحمل العلاقات الجديدة. يخاف من خوض التجربة، بل ويتردد قبل أن يخوضها. ويفضّل الابتعاد على الإقدام. وأظنّ أنّ هذا مفهوم في مراحل الاكئتاب. أتمنى مع استمرار العلاج أن أجد لتلك العقدة التي تأصّلت في أعماقي حلّا. الحب احتياج بشرى طبيعي. إنكاره مثل إنكار حاجة الإنسان للنّوم أو للأنفاس. الحبّ أنفاس القلب، فلا تنكروه. بل أحبّوا الحب، نعم أحبّوه. وإذا جاءكم لا تُعرضوا عنه، فإنّه عافية للقلب ومضاد طبيعي للاكئتاب.
ما أجمل أن يكون لك رفيق تبوح له دون خوف. تتعرّى حقيقتك أمامه وتبكي مثل الطفل دون أن تتوقع منه السخرية. ما أجمل أن تجد من يحبك!
اضف تعليق