اتفقت رانيا مع صديقتها شيرين على الذهاب معا للتسوق وحددتا موعدا. في التوقيت المحدد اتصلت رانيا بشيرين لكنّها لم تردّ. كررت الاتصال، لكن بلا فائدة. فتحت رانيا حسابها على فيسبوك لتتفاجأ بصور صديقتها شيرين مع صديقاتها في فسحة دون أن تخبرها بذلك. مباشرة، اتصلت بها مجددا لتستوضح منها وتفهم ما يحصل، لكن شيرين لمّا تردّ رغم أنّ فيسبوك يوضّح انها متصلة حينها ومن جوّالها. فسّرت رانيا الموضوع بأنّ شيرين تناستها ولم تعر اتفاقهما اهتماما. وبدل أن تتجاوز الموضوع وتتعامل بالمثل، عادت لغرفتها وأغلقتها عليها وبدأت في البكاء رافضة الحديث مع أمّها التي انشغل بالها. دخلت رانيا في حالة كآبة حتّى أنّ أمّها خشيت أن يصيب ابنتها سوء. رانيا ببساطة “ملكة دراما/Drama Queen”.
ملكة الدراما The Drama queen مصطلح غير علمي، المقصود به هو التفاعل الـمبالغ فيه مع المواقف التي تبدو بسيطة. والإشكال هنا ليس في أنّ الإنسان حسّاس أو يتأثّر بمن حوله، فهذا طبيعيّ. الإشكال أنّ التأثّر أو الحساسية تكون بقدر أكبر بكثير من حجم الموضوع الحقيقيّ. إذ يون تفاعلا دراميّا غير واقعيّ. لكن لماذا يوجد بشر من هذا النوع، أو ماهو مردّ هذا الأمر؟
بدأ الموضوع منذ الصغر، حين كنت ترغب في شراء شطائر من الشارع ورفض والدك ذلك لأنّ الاأكل الذي تعدّه أمك في البيت أفضل وصحيّ أكثر. فيأثّر ذلك على تقديرك لذاتك/self esteem. “كيف أرغب في شيء ويحرمني أبي منه؟ كيف أطلب شيئا ولا أحصل عليه؟” يتدخّل هنا عقلك الخبيث ويقول لك “جرّب البكاء، عندما كنت أصغر كان أبوك يأخذك في حضنه إذا بكيت ويحاول جهده أن يرضيك.” فتقرّر حينذاك أنّ “الدارما” قد تكون سلوكا ناجحا لجلب الإهتمام وبذلك تحصل على التعاطف والتجاوب المعتاد. الكارثة، أنّ الدراما تنجح كأسلوب وتحقّق هدفها. فتتدخّل أمّك التي لا ترضى رؤيتك متكدّرا حزينا وتضغط على أبيك لتحصل على ما ترغب فيه. وحتّى إن لم تنجح في إقناعه فإنّها تثبت لك دعمها ومساندتها. وبدل أن تشرح لك لماذا يمنعك أبوك من أكل الشطائر من الشارع، تحضنك وتقبّلك لتوقف “الدراما”.
صحيح أنّك ستسعيد تقديرك لذاتك لكن، مع تكرار هذه المواقف ستتحوّل لملكة دراما/Drama Queen. الأمر ليس حكرا على أمّك قد يكون أصدقاؤك، زملاؤك في العمل، أقاربك، صديقاتك أو أيّ شخص يشجّعك في أسلوب الدراما دون أن يشرح لك حقيقة الوضع ويكلّمك بمنطقيّة وواقعيّة، كلّ هؤلاء يلحقون بك ضررا في الحقيقة.
قد يخطر لبالك كقارئ أو قارئة تساؤل من قبيل هل أنّ الأمر فقط عند الإناث؟ أو هل يوجد فقط Drama Queen ولا نجد Drama King؟ نظريّا، مثلما هناك نساء تبالغ في ردود أفعالها، يفعل الرجال نفس الشيء أيضا. سنة 2014 قام الدكتور David Lewis بتجربة ليختبر من يتأثّر أكثر البنات أم الأولاد، وكانت المفاجأة أنّ النتائج أثبتت أنّ الرجل يتأثر أكثر من المرأة لكنّه لا يعبّر عن حقيقة مشاعره. بمعنى أنّ حوالي 67% من الرجال الذين شاركوا في التجربه و زعموا أنهم لا يتأثّرون بشيء، حين سئلوا عن مشاعرهم كلّ على حدا أجابوا بأنّهم قد تأثّروا فعلا.
الفكرة ببساطة هي أنّ الرّجل يتربّى على أمور من قبيل “البكاء ليس من شيم الرجال” “ستكون مسؤولا عن بيت أسرة فيجب أن تكون قويا” “مشاعر الحزن سمات ضعف”. فعلى عكس البنت التي تبكي فيتعاطف معها المجتمع، يتعرّض الرجل للسخرية إذا بكى. كلّ هذا يجعل ملك الدراما/Drama king غير قادر على نيل فرصته لتبقى مواهبه الدراميّة حبيسة في داخله خوفا من الاستهزاء والسخرية. لكن في النهاية، يؤسفني أن أقول لكم أننا نعيش على هذا الكوكب مع أناس، الدراما بالنسبة لهم أسلوب حياة.
فكرة وإعداد: كيرلُس بهجت
إعادة صياغة: نهى سعداوي
المصادر:
http://elitedaily.com/dating/guys-more-emotional-girls/1077730/
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2816804/
https://www.psychologytoday.com/blog/office-diaries/201404/how-handle-drama-queen
اضف تعليق