نحن الآن في عصر حرية المعتقد ولكلّ مسلم الحق أن يدعوا لدينه في كل مكان بدون أن يفتنه أحد أو يقاتله. كلّ آيات قتال الكفار أعداء الحرية الدينية مختصة بعصر مضى وانتهى وواقع تاريخي فات، كما فات زمن “ما ملكت أيمانكم” وزمن الرّق وزمن الجزية وزمن السّبي، أي أنّها آيات اقترنت بظرف تاريخي انقضى وإن عاد هذا الظرف تعود فعاليتها. كلّ الآيات التي جاءت توجيها لحلّ مشكلة وليست توجيها لتعليم ديني، تنتهي فعاليتها واستخدامها بانتهاء المشكلة في الواقع وعدم تكرارها.
بالنسبة للكفّار المسالمين، يدعونا الله، ليس للسلم معهم وحسب بل يدعونا لأن نبرّهم. إنّ كفّار اليوم أو أهل الكتاب لا يفتنونا أو يحاربوننا في ديننا، بل يحاربوننا من أجل المصالح والنفوذ والطمع بالثروات. والقرآن واضح في آياته ببرّ الكفّار إن لم يقاتلونا:
“لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ.” الممتحنة، آية 8.
نحن نقاتل الصّهاينة مثلا لأنهم أخرجونا من ديارنا فقط، ولا نقاتل دينهم اليهودي. ونقاتل الأسد لطاغوتيته ولأنه أخرجنا من ديارنا وليس لأنّه شيعي أو علوي. “لكم دينكم ولي دين” الكافرون، آية 6 و”لا إكراه في الديّن.” البقرة، آية 256. السّلفيون لم يدركوا تغيّر العصر وكأنّهم في عصر نزول الرسالة حيث لا حرية في المعتقد. وكأننا نحارب ونقاتل الكافر فقط لأنّه كافر.
“فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا.” النساء، آية 90
“وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ.” النساء، آية 94
باختصار لا يحارب الإسلام الكفّار بوصفهم كفارا، بل لأنهم فتنوا واضطهدوا وحاربوا المسلمين على إيمانهم الجديد. كلّ التكفير انتهى عصره وليس أصلا من الدين، بل هو سلاح سياسي لقمع المعارضين الأحرار لبطش الطواغيت. التكفير من صنع الطواغيت وليس من صنع الله أو وحيه.وهم يبتغون عرض الحياة الدنيا وليس الدين.
اضف تعليق