عاهرة/عاهر الانتباه Attention Whore ، ليس مصطلحا علميا أو أكاديميا، بل مجرد مصطلح شعبي عامي يصف حالة من حالات الحاجة غير الطبيعية للانتباه. ليس حكرا على جنس معين، فليس بالضرورة أن تكون فتاة أو سيّدة فقط معنية بلفت الانتباه، هناك رجال أيضا يمكن توصيفهم بعاهر الانتباه. الفكرة في عاهر أو عاهرة الانتباه، هي أنّ الشخص مستعد لعمل أيّ شيء لينتبه له الآخرون ويحظى باهتمامهم. قد يضخّم حدثا معيّنا، يؤلّف قصصا وهميّة ليس لها أساس من الصّحة، قد ينشئ صراعات مزيفة وعقيمة ويقحم فيها الآخرين. المهمّ بالنسبة له في النهاية، أن يجد الآخرين يتحدّثون عنه وعن مغامراته الأسطوريّة.
في علم نفس السلوك يسمّى هذا: Attention Seeking Behavior سلوك السعي لنيل الانتباه، وهو يرافق الإنسان منذ الصغر. فالطفل الذي يبكي لمجرد أن يجعل أحدا من الذين حوله ينتبه له، ويكفّ عن البكاء ما أن يحمله أحد أو ينظر إليه هو مثال لهذا السلوك. وعندما يكبر هذا الطفل سيحاول على الأقلّ أن يكون له دور مهم في المجتمع الذي يعيش فيه، سيحاول أن يكون اجتماعيا ولافتا للأنظار وأن يكون لديه على الأقلّ شبكة ثابتة من العلاقات التي تمده بدورها بالانتباه الكافي الذي يحتاجه. ينصح علم نفس الطفولة بـ Tactical ignoring التجاهل التكتيكي/التجاهل المُخطَّط، كسلوك تفاعليّ مع طلب الانتباه. وهو أن ينتبه الأهل لطفلهم دون أن يُظهروا له ذلك ولا بالنّظر حتّى، لتعليم الطفل أنّه وإن صرخ وبكى وسبّب إزعاجا، فليس هذا الأسلوب أو السلوك الذي سيجعل من حوله يهتم وينتبه له.
حسب هرم ماسلو للاحتياجات Maslow’s Hierarchy Of Needs، حاجة تقدير الذات مهمّة جدّا لأي شخص طبيعي. في المقابل، قلة تقدير الشخص أو إحساسه الضعيف بقيمته ييسبّب له ألما نفسيا كبيرا، خاصة لو حصل عدم اتزان في هذه الاحتياجات. بمعنى أنّه إذا ما لاحظ أنّ غيره يحظى بالاهتمام الكافي بينما لا أحد ينتبه إليه أو يلاحظ وجوده، فهذا كفيل بأن يزرع لدى هذا الشخص Inferiority Complex عقدة نقص. فنظريا، شئنا أم أبينا، كلّنا بلا استثناء عاهرو انتباه بدرجات مختلفة! والسعي لنيل الانتباه متأصّل في تفكيرنا ونفسيتنا بشكل أعقد بكثير مما نتخيل.
في كتابه أسرار خلق ثروة في ظل الصراعات السياسيّة قدّم رجل الأعمال العالمي اللبناني الأصل زياد خليل عبد النور نصيحة في غاية العمق لكل Attention Whore عاهر انتباه يعيش على كوكب الأرض، ألا وهي:
اسعَ لنيل الاحترام، لا الانتباه. إنّه يدوم أكثر. .Seek respect, not attention. It lasts longer
الموضوع ببساطة أنّنا نريد أن يعتني الآخرون بنا تحت أي مسمّى، حتّى وإن جعلنا هذا موضِع سخرية أو محلّ احتقار. المهم أن ينتبهوا لنا وينشدّوا! نحن نشبه الطفل الذي يبكي ويحدث ضجّة ويسبّب صداعا لأهله لعلّه يحوز آنذاك انتباههم واهتمامهم، لكنّه بمجرّد أن يصمت سيتلاشى الاهتمام تدريجيا. يذكّرنا هذا بكثير من الشخصيات العامّة أو النجوم والمشاهير. تجد الواحد منهم يقوم بحركات أو تصرّفات خارج السياق، ينشغل الرأي العام به ويتكلم عنه النّاس. يُتداول الموضوع في فيسبوك وتويتر أيضا، ليوم أو يومين وينتشر الخبر. لكن مع الوقت سينشغل الناس عنه بغيره. في المقابل -وعلى العكس تماما- فإنّ الاحترام إذا ما أحرزه أحدهم يدوم ولا يموت بموت صاحبه حتّى.
باختصار، لو أنّ الاحترام هو هدف الإنسان والأساس في تعاملاته وسلوكياته سيحصل على الانتباه والتقدير، وإن تأخّر، بدون أن يبذل جهدا أو يسعى لتحصيله.
فكرة وإعداد: كيرلُس بهجت إعادة صياغة: نهى سعداوي
المصادر:
https://www.psychologytoday.com/blog/emotional-fitness/201005/attention-seeking-behaviors
https://en.wikipedia.org/wiki/Tactical_ignoring
اضف تعليق