في الجانب الغربي من دولة بورما، حيث تقع ولاية أراكان يعيش ما يقارب الثمانمائة ألف مسلم. يُقال أن الاسم الدال عليهم ما هو إلا تحريفٌ للفظة العربية “الرحمة”، تلك التي نادى بها أجدادهم في العصور الأولى والتي أعانتهم على التمسك بموطنهم رغم كل المنفرات. تمتد مخيمات اللاجئين الروهينيجيا من تايلاند إلى بانجلاديش، حيث لم يعد بوسعهم احتمال اضطهاد السلطات البورمية المحلية لهم وفقدانهم حقوق المواطنة. لكن لجوءهم لم يعفهم بأي حالٍ من الاضطهاد.
في العام 1400 من الميلاد, استقر مسلمو بورما الأوائل في ولاية أراكان. وقد خدم العديد منهم في بلاط الملك “ناراميخلا”، الذي حكم في العام 1430م. رحّب الملك البوذي بالمسلمين للخدمة في بلاطه وعيّن منهم حراسا ومستشارين، حتى أن أتباعه من الملوك استعانوا بألقاب حربية مسلمة أثناء وبعد الحروب المغولية.
في العام 1785، غزا بورميو الجنوب البوذيون ولاية أراكان، وبذلك بدأ المصير المؤلم لأبناء تلك الطائفة. تلا الغزو إعداماتٌ و طردٌ و تهجير لما يقرب من الـ35000 مسلم لبنغال، ثم إلى راج البريطانية بالهند.
في العام 1826، احتل البريطانيون ولاية أراكان مع بداية الحرب الأنجلو بورمية الأولى. شجّع المحتلون الهجرة من الأراضي الهندية المحتلة إلى ولاية أراكان. وبذلك عاد الكثير من الأهالي المسلمين إلى ديارهم الأولى، حيث دفن الجيل الأول من المهاجرين المسلمين والمزارعين البوذيين مع الملايين من بذور الكراهية والحقد الطائفي، لتحصد الثمر أجيالٌ لاحقة.
عندما بدأت الحرب العالمية الثانية، تركت بريطانيا العظمى أراكان وحدها في مواجهة امتداد الامبراطوية اليابانية في شرق آسيا. وبذلك ألقيت أراكان في نيران الفوضى وانتهز الجانبان المعاديان الفرصة فزادا من وقودها وذبّحت كل طائفة بلا روية أبناء الطائفة الأخرى. حاول العديد من أبناء الروهينيجيا الاحتماء بالقوات البريطانية، فشغلوا مواقع جاسوسية لصالح بريطانيا. وهو ما حفّز القوات اليابانية للانتقام الممنهج بالتعذيب والاغتصاب والقتل، دافعاً الآلاف إلى الهجرة مرة أخرى نحو بنغال الهند.
بين الحرب العالمية الثانية والانقلاب العسكري بقيادة الجنيرال ني وين عام 1962م، قاوم الروهينيجيا للانفصال بأراكان كدولة روهينيجية مسلمة منفصلة. لكن باكتساب الجيش البورمي السطوة في مدينة يانجون، انقلب الأمر على الروهينيجيين سواء كانوا ناشطين سياسيين أو مواطنين عاديين. و بذلك تم إسقاط حق المواطنة عن شعب الروهينيجيا وإعلانهم كبنغاليين بلا دولة.
مضطهدون ومُسقط عنهم حق المواطنة، مطرودون من كل دولة مسلمة كانت أو غير مسلمة حاولوا اللجوء إليها، يعيشُ الروهينيجيون بلا أمل في مواجهة جحيم مستعر ينتظرهم على كل شاطئ وكل حد فاصل. في أراكان يواجهون الاضطهاد حتى من بعض الرهبان البوذيين، ودول مسلمة كماليزيا وإندونيسيا ترفض إيوائهم كلاجئين. في تايلاند استُغل العديد ممن حاولوا اللجوء في أنشطةٍ غير أخلاقية كالمتاجرة بالبشر، وفي أستراليا تم إبعاد اللاجئين الروهينيجيين عن الشواطئ.
في شهر مايو 2015، عملت السلطات الفليبينية مع اللجنة العليا للاجئين بالأمم المتحدة على توفير مخيمات لإيواء ثلاثة آلاف من لاجئي الروهينيجيا. ومن المقرر أن تعمل السلطات على تلبية احتياجاتهم الأساسية في فترةٍ يتم بها السعي إلى حل دائم. ربما تكون هذي هي البداية لحل أزمة متجذرة في عروق شعب مضطهد، لكن نرجو أن يقدر صدر البداية على الاتساع لستة آلاف آخرين مشرّدين بمراكبهم بحثا عن الرحمة.
المصدر: http://asianhistory.about.com/od/Asian_History_Terms_N_Q/g/Who-Are-The-Rohingya.htm
Kallie Szczepanski، خبيرة في تاريخ آسيا
اضف تعليق