الحاسوب الذي تستعمله يشبهك كثيرا، له أعضاء ومخ تربط بينهما سيالات عصبية حسية وحركيّة. يستعمل البريد وله أدوار مختلفة. قد يلعب دور الخادم مقدّم الخدمة أو دور أحد الحرفاء. للحاسوب لغات، مجتمعات، اتفاقيات، بروتوكولات ومجتمع دولي أيضا. في هذا المقال سنشرح طرافة هذا التشابه.
المخ، الحواس و الأعضاء الفاعلة:
المخ بالنسبة للإنسان هو القائد الجالس في قاعة العمليات، له مخابرات تأتيه بالمعلومات هي الحواس وله جنود وجيوش يأمرها هي الأعضاء. تستقبل العين الأضواء والألوان والصور وكل ما تراه وترسله إلى المخ في شكل سيالة عصبية حسية، يحللها ويقارنها بما يوجد في الذاكرة ويفهمها. الأذن تستقبل الأصوات والأنف يفعل نفس الشيء مع الروائح، الجلد مع الملموسات واللسان مع الطعم. فإذا تعطل الجزء الخاص بالبصر في المخ، يصاب الإنسان بالعمى ولو كانت عينه سليمة، وإذا تعطّل الجزء الخاص بالصوت، يصاب الإنسان بالصمم ولو كانت أذنه سليمة. هذه الحواس كلها تأتي بالمعلومات للمخ، فيحللها ويقرر ما يفعله ويرسل الردود في شكل سيالات عصبية حركية. فإذا كان خطَرا يأمر الرجلين بالركض مثلاً، إذا كان ضوءًا أو حرارة يأمر الأيدي بحماية العينين وهكذا دواليك.
مخّ الحاسوب هو المعالج في داخله -processor-. حواس الحاسوب التي تأتيه بالمعلومات هي لوحة المفاتيح والفأرة و الميكروفون والماسح الضوئي -scanner- والأعضاء التي تنفذ أوامره هي الشاشة ومكبر الصوت. تلتقط حواس الإنسان الصور والروائح والأصوات وتحولها إلى سيالة عصبية. تستقبل حواس الحاسوب (لوحة المفاتيح، الفأرة، الميكروفون) النقرات والتحريك والصوت وتحولها إلى لغة الحاسوب فيفهمها. تستقبل أعضاء الإنسان الأوامر من المخ على شكل “رسالة” عصبية وتحولها إلى حركة. فيما تستقبل أعضاء الحاسوب كالشاشة ومكبر الصوت، الأوامر من المعالج وتحولها إلى حروف وأشكال وصور وأصوات.
اللّغة :
تتكوّن لغة الإنسان من كلمات تتكوّن بدورها من حروف. الكلمات منظمة على نحو معين، ففي اللغة العربية تتركّب الجملة الفعلية البسيطة من فعل ثم فاعل ثم مفعول به والاسمية من مبتدأ يليه خبر. أبجدية الإنسان العربي مكونة من 28 حرفا فيما أبجدية الحاسوب متكونة من حرفين : 0 و 1. 0 يعني أنّ التيار الكهربائي لا يمر، 1 يعني أن التيار الكهربائي يمر.
حتّى لا يقع الإنسان في التكرار يستعمل المصطلحات، فينشئ مثلاً كلمة اللسانيات أو كلمة الديمقراطية أو كلمة الجهاز النفسي وهي كلمات مركّبة. بنفس الطريقة تقريبا نقوم بتحفيظ الحاسوب مجموعة من الكلمات. نقول له مثلا أنّ هذه الكلمة، 00000001111111110001111101011 تعني الجمع (+). منذ ذلك الوقت إذا كتبنا له علامة الجمع يفهم ما يقوم به بالضبط. وبهذه الطريقة وُجدت لغات كثيرة مثل C ،C++ ، php، java لبرمجة الأجهزة الإلكترونية وأخرى لبرامج الويب وأخرى للشبكة وغيرها.
الأكثر طرافة أنّ للغة الحاسوب قواعد نحويّة. فإذا كتبنا للحاسوب: “write Hello” سيكتب Hello لكن لو كتبنا “write” فقط سوف يتوقف ولن يفهم، لأنه يعلم مسبقا أنّ كلمة “اكتب” يكون بعدها ما نريد كتابته، مثلما ننتظر نحن الفاعل بعد الفعل.
البروتوكولات والاتفاقيات:
إذا جاءتك فاتورة كهرباء فإنّك ستجد بها كثيرا من الأعداد، لكنّك ستعرف من بينها المبلغ المطلوب فمكانه معروف للجميع. إذا قرأت الوقت من الساعة، فإنّك لن تقرأ عقرب الساعات على أساس أنّه دقائق أو العكس. وإذا وجد مكتب البريد رسالة ليس فيها طابع بريدي أو ليس فيها عنوان المرسل إليه فإنّه سيعتبرها لاغية.
الحواسيب تتعامل بنفس الطريقة وفق اتفاقيات وبروتوكولات تعامل. إذا جاءتها مثلا هذه الكلمة 0001010101111111 ، فإن الحاسوب سيعرف مثلا أن الرقمين الأولين يدلان على المرسل والثانيين يدلان على المرسل إليه والذي بعدهما يدل على شيء آخر والباقي على الرسالة وأن محتواها هو: “Hi”. وبمجرد أن تصل لحاسوبك، يفهمها، يظهرها لك في نافذة المحادثة فترى أن صديقك الفلاني أرسل إليك هذه الرسالة. بعض أسماء البروتوكولات: Http،Ftp.
المجتمع :
داخل شركة، تجد الحواسيب متصلة ببعضها وتتواصل كما لو كانت عائلة أو تجمّعا بشريّا آخر، مكوّنة شبكة. أمّا ما يقابل المجتمع الدولي عند الحواسيب فهو الإنترنت. وكما للعالم لغة عالمية وتجارة عالمية ومجلس أمن وبريدا عالميا، فإنّ للحواسيب أيضا خدماتها العالمية : الويب، البريد الإلكتروني، المحادثات، التحميل وتبادل الوثائق.
الخدمات :
يجتمع الناس في المقهى كزبائن، والنادل هو من يأتيهم بحاجتهم وذلك بعد أن يطلبوا شايا أو قهوة. كذلك الأمر بالنسبة لخدمة الويب. نكتب مثلا www.facebook.com وننقر على enter لينطلق الطلب من حاسوبنا إلى الـ facebook server وهو حاسوب أو مجموعة حواسيب تحتوي فعليّا على الفيسبوك. يصل الطلب إلى مقدّم الخدمة، يحلله، يفهم منه أننا نريد الصفحة الرئيسية للفيسبوك فيرسلها إلى حاسوبنا. البرنامج الذي يفهمها هو المتصفح -جوجل كروم مثلا-. يترجم الرسالة إلى لون أزرق مكتوب عليه فيسبوك ومكان كلمة العبور ومكان الـ login وكل تلك التفاصيل لتظهر على شاشتنا. نكتب نحن معطياتنا ونضغط على Enter فتخرج رسالة من حاسوبنا وتذهب إلى “خادم الفيسبوك”، تصل إليه فيحللها ويفهمها ويجد فيها معطياتنا. يزور قاعدة البيانات و يقدّم الرد المناسب وهو صفحة الاستقبال. تعمل كلّ مواقع الويب بنفس الطريقة، خادم يحمل الموقع وباقي الحواسيب تطلب منه وتتواصل معه إذا أرادت.
خاتمة :
يتشابه الحاسوب والإنسان إلى درجة كبيرة، لكنّ الحاسوب يتفوق على الإنسان بالسرعة، عدم التعب وعدم النسيان. ويتفوق الإنسان على الحاسوب بالإرادة والذكاء المعقد.
فكرة وإعداد: سليم النابي
مراجعة وإعادة صياغة: نهى سعداوي
اضف تعليق